قراءة في مستقبل صناعة السياحة والترفيه في السعودية
اقتصادنا 4 يونيو 2020
مقالة :محمد قاري السيد
مع بداية هذا العام 2020 تعرض القطاع السياحي إلى شلل شبه كامل شمل مختلف القطاعات السياحية، وهو أمر طبيعي في ظل الإجراءات الاحترازية للحد من آثار جائحة كورونا، مما دفع الكثيرين الى الشك في مستقبل صناعة السياحة في العالم نتيجة لتوقف هذه الصناعة كغيرها من الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلا أن الخطوات التحفيزية التي اتخذتها المملكة العربية السعودية ساعدت كثيرا على التخفيف من الآثار السلبية التي خلفتها جائحة كورونا على السوق المحلي.
ومما عزز من حالة الشك هذه غياب الرؤية المستقبلية لكافة الأنشطة الاقتصادية منها والسياحية التي تعتمد على تحركات القطاعات الاقتصادية الأخرى، كما ان عودة النشاط السياحي تعتمد أيضا على سلوك العملاء الذي طرأ عليه تغير كبير باتجاه التقشف والادخار، وهذا السلوك أثر بدوره على عجلة الاقتصاد في مختلف دول العالم على الرغم من أن المؤشرات الاقتصادية قد أعطت أرقاما إيجابية (ولو طفيفة) خلال عام 2019 في سلوك المستهلكين الذي عكس تحسنا في كفاءة الانفاق عن العام الماضي.
حافظت سوق السياحة في المملكة العربية السعودية على وتيرة النمو في الطلب السياحي الذي بدأ عام 2016 بعد الإعلان عن برنامج (الرؤية والتحول 20-30 ) مدفوعة بالإعلان عن تأسيس هيئة الترفيه واندفاع السياح المحليين إلى مواقع الأنشطة السياحية في الأحساء والرياض وجدة والطائف والعلا وعسير وغيرها ،وزاد من معدلات توظيف الشباب السعودي في تنظيم وإدارة المهرجانات والرحلات السياحية والأنشطة الثقافية والترفيهية وهو مؤشر على زيادة الإقبال في السوق السياحي والترفيهي وتحقيق مكاسب مالية وخبرات ميدانية لم تكن متاحة في السابق.
لقد كانت معدلات الإقبال على العمل السياحي في السنوات التي سبقت انشاء الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ( وزارة السياحة حاليا ) منخفضة بسبب بعض العادات والتقاليد التي كانت تربط مفهوم السياحة بعدم الانضباط ، إلا انها ما لبثت أن عادت بقوة مع بدء تنفيذ الفعاليات التي بدا أنها خرجت من بوتقة المدن الرئيسة الكبرى الى المدن والمحافظات الأقل حجما، وقد سجلت بعض المناطق مستويات عالية من الجودة والتنوع في معظم الأنشطة ، وتتطلع مناطق أخرى الى ضمها في قائمة (مواسم السعودية) التي حققت مستويات مرتفعة من الاقبال ، واسهمت في توفير المئات من الوظائف الدائمة والمؤقتة للمواطنين .
متطلبات السائح
من الطبيعي أن تنخفض مؤشرات النشاط السياحي بالمملكة خلال الفترة الحالية، إلا أن هذا الانخفاض المؤقت بحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتجاوز هذه المرحلة والاستعداد للمرحلة القادمة التي ستكون مختلفة تماما عما كانت عليه في السابق، مما يحتم على القطاع الخاص الخروج بأفكار إبداعية وابتكار أنشطة وخدمات تلبي متطلبات السائح المحلي والخارجي الذي لن يقبل بخدمات لا تحقق تطلعاته مع الاخذ بعين الاعتبار أن الأسواق السياحية المؤثرة المجاورة للمملكة بدأت بالفعل في العمل المكثف لاستقطاب المزيد من السياح اليها ومنهم السائح السعودي.
التعافي التدريجي
وإذا كانت التقارير الاقتصادية تشير إلى إمكانية عودة عدد من الأنشطة الاقتصادية قريبا، إلا أن قطاع السياحة بحاجة إلى المزيد من الوقت للتعافي التدريجي الذي قد يمتد إلى نهاية العام القادم على أقل تقدير لارتباطه بعودة العمل في العديد من الأنشطة الخدمية الأخرى كالطيران، والرحلات السياحية والايواء وتوريد الخدمات التشغيلية وغيرها.
إن ما أعلنه رئيس التسويق في إدارة الوجهات السياحية في الهيئة الملكية لمحافظ العلا في اللقاء الافتراضي بسوق السفر العربي الذي أقيم مؤخرا في دبي أنه سيتم استقبال المواطنين والمقيمين بالمملكة بعد توجههم الى السفر الداخلي للوجهات السياحية في شهر أكتوبر المقبل لحضور مهرجان طنطورة القادم يعد خطوة جريئة لبداية عودة الحياة لقطاع الترفيه بالمملكة بدءا باستقبال السياح المحليين هذا العام.
الوجهات السياحية الجديدة
إن حجم الدعاية من قبل بعض وكالات السياحة والسفر المحلية، وانتشار الإعلانات على شبكة الانترنت وأدوات التواصل الاجتماعي كان كبيرا خلال العامين المنصرمين خصوصا بعد أن دخلت وجهات جديدة إلى سوق السياحة الخارجية كجورجيا والبوسنة بعد أن كانت في السابق مقصورة على عدد من الدول السياحية في شرق آسيا وتركيا ودبي والبحرين ومصر والمغرب، ومع ذلك فإن المواسم السياحية المحلية قد حققت نجاحا ملفتا في تقليص حجم إنفاق السياحة المغادرة من المملكة، بنسبة 6% إلى 49.3 مليار ريال خلال الأشهر الـ8 الأولى 2019 مقارنة بالفترة نفسها من العام 2018. بانخفاض وصل الى 5% في عدد الليالي التي قضاها السعوديون خارج المملكة. بينما ارتفع انفاق السياحة المحلية منذ بداية العام وحتى نهاية أغسطس إلى 33.8 مليار ريال، مقابل 31.1 مليار ريال في الفترة نفسها من 2018. كما تشير إحصاءات (ماس) الى ارتفاع إجمالي إنفاق السياحة الوافدة للمملكة بنسبة 12% إلى 77.3 مليار ريال خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2019، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي…أما السوق الأوروبي الجاذب للسياحة المغادرة فلا يبدو أن هناك تغيرا كبيرا نظرا لنوعية السياح السعوديين المتوجهين إلى دول أوروبا وامريكا ولم يعان كثيرا من الانكماش نظرا للتحركات الكبيرة الملحوظة في حركة السفر رغم ارتفاع تكاليف الطيران والإقامة في بعض الدول.
الاطار التنظيمي والتوظيف
واذا امعنا النظر في الإحصاءات الصادرة عن وزارة السياحة نجد أن عدد العاملين في وظائف مباشرة بقطاع السياحة بالمملكة قد وصل الى 552,556، بنسبة سعودة وصلت الى 22,3% عام 2018، كما ارتفع تقييم مدى فاعلية السياحة والترفيه في التحسن الواضح في الاطار التنظيمي الذي أعلنت عنه وزارة السياحة ووزارة الثقافة ووزارة الرياضة والهيئة العامة للترفيه والهيئة العامة للسياحة وفي اطلاق منصة (مراس) الموحدة للتراخيص. إضافة الى صدور لوائح تنظيمية -مؤخرا- لعدد من الأنشطة ومنها المعارض والمؤتمرات والسياحة البحرية وغيرها.
عودة التوازن
هناك تراجع كبير في اقتصاديات السياحة على المدى المنظور رغم المتانة النسبية لقطاع الخدمات ومنه القطاع السياحي، إلا أن البيانات الصادرة عن الجهات الحكومية والخاصة تؤكد أن مشاريع البنية التحتية ستصمد أمام تراجع الانفاق على المشاريع في بعض القطاعات مما يقلل من مخاوف احتمالية تراجع الخدمات المرتبطة بقطاع السياحة ويشير إلى احتمالية عودة التوازن إلى كافة القطاعات المرتبطة بالقطاع السياحي. ومع ذلك يتعين العمل على استبعاد اية مخاطر على مستوى الانفاق وتوقع زيادة الأسعار نتيجة لرفع الضريبة المضافة إلى أكثر من الضعف والزيادة الأخيرة في الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الاساسية مما يضطر الكثير من مقدمي الخدمات إلى إعادة تسعير قد لا تكون في متناول الكثير من السياح مما يدفعهم إلى التوجه إلى المقاصد السياحية خارج المملكة من جهة ، وتكوين انطباع سلبي حول بقاء حجم مدخراتهم ضمن المجال الآمن ، إضافة إلى ما يتبع ذلك من تعزيز مخاوف المستثمرين من فتور الطلب والذي يؤدي بالتالي إلى انعكاس منحنى النمو الذي تحقق في السنوات الأخيرة.
الفعاليات والانشطة
تشير مؤسسة النقد العربي السعودي في تقريرها الأخير إلى أن القطاع الخاص واصل نموه خلال عام 2019 مسجلا أعلى مستوى نمو في خمس سنوات بنسبة 3,8 في المائة ، وأن هذا الارتفاع يعزى بشكل رئيس إلى الارتفاع القوي في العديد من القطاعات ومنها قطاع السياحة والتراث الوطني الذي شهد عام 2019 تنفيذ العديد من الفعاليات الدولية التي استضافتها المملكة في مختلف الألعاب الرياضية مثل : الفورمولا ، والتنس ، والملاكمة ، والمصارعة ، وكرة القدم بالإضافة إلى اطلاق وزارة السياحة برنامج “مواسم السعودية” الذي يضم 11 موسما سياحيا تغطي معظم مناطق المملكة ، حيث تضمن البرنامج مجموعة من الفعاليات الثقافية والرياضية والترفيهية والتجارية إضافة إلى الخدمات النوعية المساندة مثل الإقامة والنقل وساهمت هذه الفعاليات في نمو قطاع الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق بنسبة 6,77 في المئة”. وهنا ندرك أهمية المضي قدما في تطوير المواسم السياحية التي من المتوقع أن تستأنف تدريجيا في عدد من المناطق قبل النصف الأول من العام القادم.
التأشيرات السياحية
كان للمبادرات التي اطلقتها وزارة السياحة وهيئة الترفيه في العام المنصرم دور كلير في زيادة الانفاق السياحي وجذب المزيد من السياح من خارج المملكة عبر برنامج تأشيرات ميسر ومرن ارتفع معه معدل انتشار الحركة السياحية على مساحة واسعة من خارطة السياحة الوطنية، كما يعزى هذا الارتفاع إلى نوعية الأنشطة السياحية وتنوعها مما أسهم في ابراز السوق السياحي المحلي وجذب المزيد من التدفقات المالية سواء في الانفاق أو في تعزيز مناخ الاستثمار، إضافة إلى توفير المزيد من الوظائف الدائمة والمؤقتة للشباب السعودي.
وهنا ندرك النجاح الكبير الذي حققه برنامج التحول الوطني في المجال السياحي في استقطاب السياح من (48) دولة تمثل المرحلة الأولى حيث وصل عدد التأشيرات السياحية المصدرة إلى 350,000تاشيرة سياحية خلال الربع الأخير من عام 2019 تسمح لحاملها القيام بزيارات متعددة للمملكة خلال 90 يوما في المرة الواحدة. ومن المتوقع أن يمثل حاملو التأشيرة نحو 80% من نفقات السفر العالمية و75% من الرحلات الترفيهية في العالم بحلول 2030، إضافة إلى ذلك دعم برنامج التحول الوطني الاستثمار في قطاع السياحة حيث تم اصدار حوالى 3000 رخصة استثمارية منذ عام 2018 لعدد من القطاعات السياحية بما في ذلك الايواء السياحي، وتنظيم الرحلات السياحية ووكالات السفر السياحية كما قدم البرنامج قروضا تقدر بنحو 100 مليون ريال لوجهات سياحية جديدة مثل: الجبيل، وينبع، وبريدة. وساهمت هذه الاستثمارات في زيادة مستوى الانفاق الداخلي، وتوليد فرص العمل والاستثمار للمنشآت الصغيرة والمتوسطة. كما اضافت المملكة 75 موقعا تراثيا إلى قائمتها لتصل إلى 316 موقعا مما عزز مكانة المملكة بصفتها وجهة سياحية عالمية.
الابتكار.. والابداع
من المتوقع تراجع عدد الشركات العاملة في مجال تنظيم الفعاليات والرحلات السياحية بسبب الخسائر التي تكبدتها نتيجة لغياب الأنشطة التي كانت تمثل العمود الفقري للدخل رغم أن” مبادرات الدعم التي قدمتها الدولة مكنتها من دفع روتب موظفيها من خلال تسهيل وصولها إلى القروض البنكية واعفائها جزئيا من المقابل المالي على الوافدين أو دفع 60 في المئة من رواتب موظفيها لمدة ثلاثة شهور تبدأ من مايو 2020 كما انه من المتوقع أن تسهم عوامل أخرى في رفع التضخم ومنها رفع ضريبة القيمة المضافة من 5 إلى 15 في المئة والتي من المقرر أن تدخل إلى حيز التنفيذ في يوليه 2020م. لذا فإنه يتعين العمل على التوصل الى مشاريع ابتكارية أو تغيير النشاط او اللجوء الى خيارات أخرى كالاستحواذ او الاندماج أو المشاركة مع مستثمرين يرغبون في تنويع استثماراتهم .
المنشآت العاملة في السياحة
تمثل المؤسسات الصغيرة ومتناهية الصغر الغالبية العظمى للمنظمات العاملة في صناعة السياحة والترفيه والخدمات المرتبطة بها، وهي الأكثر تأثرا بجائحة كورونا اذ تشير المسوحات السياحية الى ان عدد المنشآت متناهية الصغر وهي التي توظف أقل من 6 مشتغلين في المنشاة الواحدة استحوذت على عدد كبير من اجمالي المنشآت بلغ 59,810 منشأة ، بينما بلغ عدد المنشآت الصغيرة التي توظف ما بين (6-49) مشتغلا حوالي 11,638 منشأة ، وتشكل هاتان الفئتان ما نسبته 98,7% من اجمالي المنشآت في الأنشطة المميزة للسياحة ، في حين بلغ عدد المنشآت متوسطة الحجم التي توظف ما بين (50-249) مشتغلا والمنشآت كبيرة الحجم التي توظف (250) مشتغلا فأكثر مجتمعة 941 منشأة من إجمالي المنشآت في الأنشطة المميزة للسياحة في المملكة خلال عام 2018 م .
صدمة عميقة
صحيح أن الإجراءات المالية الوقائية منها والتحفيزية قد لعبت دورا كبيرا في التخفيف من أثر ارتفاع المخاطر على النمو المحلي ،إلا أن طول امد آثار صدمة كورونا اقتصاديا واجتماعيا ونفسيا على السياح والمستثمرين والعاملين في قطاع السياحة والترفيه يمثل صدمة عميقة مما ينعكس على مستوى الانفاق الذي يمثل عصب دورة الاقتصاد السياحي مع ملاحظة ان انخفاض الدخل لهذه المؤسسات لا يعني انخفاضا في الأرباح فقط ، بل يعني أيضا ضرورة الوفاء بالتزاماتها التعاقدية التي تم الارتباط بها قبل الجائحة مثل ايجارات المكاتب وتسديد الرسوم والأقساط والقروض المؤجلة ومرتبات العاملين بعد انتهاء فترة الدعم الحكومي ما لم يستمر الدعم لفترة مماثلة على الأقل .
موسم الرياض
شهد قطاع السياحة والترفيه تغيرات كبيرة ونوعية خلال عامي 2018-2019 حيث حقق قطاع الايواء والمطاعم والمقاهي والفعاليات الترفيهية نموا إيجابيا ملحوظا حيث استحوذ نشاط تقديم الطعام والشراب على ما يعدل 52,518 منشأة من جملة المنشات السياحية ، بينما حصل نشاط خدمات الإقامة على ما مقداره 9,101 منشأة من هذه المنشآت ، وفي مجال الفعاليات سعت الجهات المنفذة للفعاليات إلى مواءمة أنشطتها مع المعايير الدولية ، وتفعيل الدور الرقابي الذي كان له دور في الحيلولة دون تقويض النمو المتحقق ،مع التركيز على استخدام التقنيات الحديثة ، ومواصلة العمل مع الشركات المالكة للفعاليات لإقامة أنشطتها خلال المواسم السياحية وخصوصا (موسم الرياض) الذي يعد الأضخم على مستوى الشرق الأوسط باستقطابه لأكثر من 8 ملايين زائر وفقا لهيئة الترفيه.
الضغط المجتمعي
وهنا يمكن الإشارة الى ان النمو الذي شهده قطاع الفعاليات بالمملكة جاء مدفوعا بالضغط المجتمعي لتطوير وتنمية هذا القطاع وتوفير فرص العمل وتقديم فعاليات ترقى إلى مستوى المتلقي المحلي الذي عانى من رتابة معظم الفعاليات التي كانت تقدم في السابق والتي لم تكن تضع فئة الشباب على قمة أولوياتها رغم أن نسبة الشباب إلى مجموع عدد المواطنين في المملكة يصل إلى حوالي 60% إضافة إلى ارتفاع مستوى الوعي بأهمية السياحة والترفيه ودورها في دعم الاقتصاد المحلي الذي تؤكد رؤية 2030 على تنميته بعيدا عن الاعتماد على النفط.
إيرادات مرتفعة
لا يمكن إنكار أن النمو البطيء للاقتصاد العالمي 2019 بعد انخفاضه الحاد في الربع الرابع من عام 2018 نتيجة للعديد من العوامل ومن أهمها تراجع وتيرة الأنشطة الاقتصادية، قد اثر على مستوى نمو الاقتصاد السعودي عام 2019. ورغم أن انخفاض القطاع النفطي قد امتد إلى انخفاض مماثل في النشاط الخدمي ومنه السياحة والترفيه على مستوى العالم، إلا أن تقارير منظمة السياحة العالمية تشير إلى زيادة أعداد السياح في العالم في عام 2018 إلى 1,403مليار سائح مقارنة بـ1,329 مليار سائح عام 2017، كما بلغت إيرادات السياح الدوليين عام 2017 إلى 1.340 مليار دولار بينما بلغت الإيرادات عام 2016 إلى 1,247 مليار دولار.
وكان قطاع الخدمات ومنه السياحة بما تشمله من خدمات النقل البري والبحري والجوي والايواء وغيرها متماسكا إلى درجة كبيرة في 2018 مقارنة بالقطاع الصناعي الذي شهد تراجعا في العام نفسه رغم انه سجل تراجعا طفيفا في عام 2019 مقارنة بالعام الذي قبله، ومن المتوقع ان يشهد 2020 فتورا في الاستثمار السياحي على مستوى العالم نتيجة لتخوف المستثمرين من دفع المزيد من الاستثمارات في السوق السياحي مما يخلق موطن ضعف خطير في جسد القطاع السياحي الحساس.
الشركات المنفذة
من الملاحظ أن أغلبية أنشطة السياحة والترفيه بالمملكة تعتمد بشكل كبير على الشركات والمؤسسات غير الوطنية، بينما الوضع الصحي يحتم التركيز على القدرات الوطنية وفق منهجية مدروسة تعتمد على التدريب العملي والممارسة الفعلية للشباب لإكسابهم المزيد من الخبرة خصوصا في المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدراتها البشرية والرفع من كفاءتها التشغيلية بعيدا عن خدمات الوساطة التي تلجأ اليها الكثير من الشركات التي يوكل اليها تنفيذ البرامج والفعاليات السياحية. فلا تزال مساهمة هذه المنشآت في مجموع الفعاليات والأنشطة التي نفذت في السنوات الأخيرة متواضعة ، وارتفع عدد المشاريع الجديدة في مجال الايواء السياحي ( الفنادق ، الشقق المفروشة ) مما أثر إيجابا على حركة السياحة ولكنه في نفس الوقت أثر سلبا على هذه المشاريع الاستثمارية نتيجة لتوقف نشاطها اثناء جائحة كورونا مما يتطلب إيجاد حلول ابتكارية تتجاوز توفير الإقامة والطعام إلى أنشطة أخرى موازية تمكنها من تجاوز الأوضاع الصعبة التي تعرضت لها خلال الجائحة، وإلا فإن مستوى الدخل – عوضا عن الأرباح – يعرضها لضغوطات كبيرة متوقعة ، ومن هذه الحلول الخروج من جدران المباني إلى عرض وتوفير الخدمات في المناطق التي تشهد حراكا سياحيا ،وتقديم الباقات المتنوعة والمحفزة لجذب المزيد من العملاء مع الحذر من الوقوع في مصيدة تقديم التخفيضات على أي من خدماتها وإلا فسيكون من المتعذر عليها إعادة الثقة في منتجاتها من جهة والعودة إلى أسعارها العادية من جهة أخرى .أما سلاسل الفنادق العالمية فهي أقل تأثرا بالجائحة نظرا لملاءتها المالية وقدرتها على تطويع ادواتها التسويقية لإقامة الحفلات العامة والخاصة واستضافة المؤتمرات والمعارض والدورات التدريبية لتوفر المقومات المتطورة لديها .
وأخيرا
يمكن القول إن التغيرات الإيجابية التي شهدها قطاع السياحة والترفيه في السعودية خلال السنوات القليلة الماضية يجعلنا أكثر اطمئنانا بأن المستقبل سيكون أكثر اشراقا بإذن الله في ظل الدعم الحكومي غير المحدود، واستكمال العمل في المشروعات السياحية العملاقة في القدية ونيوم والبحر الأحمر وآمالا ، وتفاعل القطاع السياحي بجميع مكوناته مع رؤية 2030 المباركة.