هكذا نجا الاقتصاد الأميركي من حرب ووباء منذ 100 عام
آقتصادنا 27 ابريل 2020
عقب الخراب والدمار الذي خلّفته الحرب العالمية الأولى، عاشت أغلب دول العالم على وقع انتكاسة اقتصادية غير مسبوقة. ومقارنة ببقية الأطراف المشاركة بالحرب العالمية الأولى، عرف الاقتصاد الأميركي مع نهاية فترة الحرب انتعاشة فريدة من نوعها ففي خضم النزاع العالمي ضخّ الفيدرالي الأميركي كميات هامة من الأموال باقتصاد الحرب كما أقرضت الولايات المتحدة الأميركية الدول الأوروبية مبالغ مالية طائلة لتتحول لأهم مدين لأوروبا وتحصل بذلك على أقوى اقتصاد بالعالم.
لكن مع نهاية الحرب العالمية الأولى، عرف الاقتصاد الأميركي هزّات أخرى كانت أولها جائحة الأنفلونزا الإسبانية التي عصفت بالعالم بأسره وتسببت في وفاة ما لا يقل عن 600 ألف أميركي كما شهدت الفترة التالية كسادا خرّب الاقتصاد الأميركي وتسبب في نتائج كارثية بين عامي 1920 و1921. إلى ذلك، لم تمنع كل هذه العوامل الاقتصاد من استعادة عافيته حيث عادت الحياة لطبيعتها لتعرف الولايات المتحدة الأميركية انتعاشة مذهلة طيلة الفترة ما بين عامي 1922 و1929.
ظهرت قوة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الذي نشأ عام 1913، لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى. فمع عدم وجوب تمويل عامة الشعب لمجهود الحرب عن طريق الضرائب، اتجه الفيدرالي لطباعة مزيد من الأوراق النقدية لتشهد بذلك البلاد تضخما ماليا لافتا للانتباه بحلول العام 1918 فعلى سبيل المثال تضاعف سعر حذاء قدّر ثمنه بثلاثة دولارات عام 1913 ليبلغ 12 دولارا مع نهاية الحرب.
وتوقع الخبراء الاقتصاديون انهيار السوق الأميركية مع نهاية الحرب العالمية الأولى وتراجع صناعة الأسلحة كما تصادفت كل هذه التوقعات مع أهوال الأنفلونزا الإسبانية التي جثمت ببراثنها على العالم بأسره لتتسبب في سقوط عشرات ملايين القتلى، كان من ضمنهم 600 ألف بالولايات المتحدة الأميركية لوحدها، وإغلاق أعداد كبيرة من المؤسسات.
وخلافا لتوقعات الخبراء، جاءت النتائج عكسية تماما. فبدل الانكماش، عرف الاقتصاد الأميركي تضخما سريعا تزامن مع ارتفاع للأسعار حيث أقبل الأميركيون الذين ادخروا مبالغ مالية هامة طيلة فترة الحرب على شراء البضائع كما اتجه الأوروبيون لشراء ما قيمته 8 مليارات دولار من الصادرات الأميركية. ولمواجهة ارتفاع الأسعار، عمد الفيدرالي الأميركي لرفع سعر الخصم لجعل القروض أكثر تكلفة وبحلول العام 1920 ارتفع سعر الفائدة ليبلغ 7 بالمائة وهو ما اعتبره الخبراء الاقتصاديون مرتفعا جدا.
ولم تدم هذه الفقاعة التضخمية طويلا. فمع تراجع الطلب، انخفضت الأسعار بشكل لافت للانتباه لتجد العديد من المؤسسات نفسها مفلسة وسط غياب تام للفيدرالي الأميركي الذي فضل الإبقاء على سعر الفائدة مرتفعا. وبداية من العام 1920، شهدت البلاد فترة كساد استمر 18 شهرا فقدت خلالها البورصة حوالي نصف قيمتها وارتفعت نسبة البطالة لتبلغ أرقاما قياسية قاربت 19 بالمائة تزامنا مع إعلان العديد من المؤسسات إفلاسها وتسريحها للعمال.
العربية.نت