لبنان على صفيح ساخن.. والحكومة تقر خطة إنقاذ اقتصادية
آقتصادنا 30 ابريل 2020
أقرت الحكومة اللبنانية بالإجماع قبل قليل خطة للإصلاح الاقتصادي، تشمل معالجة مشكلة الدين العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي والبنوك.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، أن تعديلات طفيفة أدخلت على الخطة التي قدمتها وزارة المالية، فيما ذكرت موقع التيار الوطني الحر الموالي لرئيس الجمهورية، أن مجلس الوزراء أرجأ تحرير سعر الصرف المنصوص عليه في الخطة.
وكانت المسودة الأخيرة للخطة، التي اطلعت عليها “العربية”، تنص على خفض سعر صرف العملة الرسمي من 1500 ليرة مقابل الدولار إلى 3500 ليرة، في إطار مسار تدريجي لتحرير سعر الصرف تماما.
63 مليار دولار
وتشير الخطة إلى وجود فجوة في القطاع المالي بقيمة 63 مليار دولار، وتقترح خطوات لسدها من بينها استبدال بعض أموال المودعين في البنوك بأسهم، واسترداد الفوائد المبالغ بها التي حصل عليها بعض المودعين والبنوك في السنوات الماضية، واسترداد الأموال المنهوبة في عمليات الفساد.
وكشفت الخطة أن بعض الدائنين للحكومة اللبنانية يرفضون التفاوض معها إذا لم يدخل لبنان في برنامج تمويلي مع صندوق النقد الدولي.
وتأمل الحكومة اللبنانية بعد إقرار خطة إنقاذ اقتصادية طال انتظارها بإقناع المجتمع الدولي على أساسها بمساعدة لبنان للخروج من دوامة انهيار مالي فاقمته تدابير وقاية مشددة لمواجهة وباء كوفيد-19.
متظاهرون في الشارع
كانت الحكومة قد بدأت اجتماعها قبل الظهر برئاسة رئيس الجمهورية، ميشال عون، وبعد ثلاثة أيام متتالية نزل خلالها مئات المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على غلاء المعيشة وغياب أي أفق حل للأزمة الاقتصادية. وحصلت مواجهات بينهم وبين وحدات من الجيش، خصوصاً في مدينة طرابلس.
وتنص خطة الحكومة في بنودها الرئيسية على إجراء إصلاحات ضرورية وإعادة هيكلة للدين العام. ويطالب المجتمع الدولي الحكومة بإصلاحات “سريعة وفعالة” كشرط لتقديم أي مساعدة مالية للبلد الصغير المنهك بسنوات من الأزمات السياسية المتتالية والفساد.
ووفق نسخة أولية من الخطة تمّ تسريبها قبل أسابيع وأثارت انتقادات كثيرة، تقدّر الحكومة حاجة لبنان اليوم إلى أكثر من 80 مليار دولار للخروح من الأزمة والنهوض بالاقتصاد، ضمنها ما بين 10 إلى 15 مليار دولار على شكل دعم خارجي خلال السنوات الخمس المقبلة.
وتشكلت الحكومة في يناير/كانون الثاني. وأعلنت في مارس/آذار التوقف عن سداد الديون الخارجية في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين هدفها حماية احتياطات البلاد من العملة الأجنبية.
وتعدّ الأزمة الراهنة وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية. ويعدّ لبنان من أكثر الدول مديونية في العالم، وتبلغ قيمة ديونه 92 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من 170 في المئة من ناتجه المحلّي.
مساعدة صندوق النقد
وطلبت الحكومة في فبراير/شباط الماضي مساعدة تقنية من صندوق النقد الدولي. لكن محللين يقولون إنه لا يمكن إخراج لبنان من دوامة الانهيار في بلد يشهد انقساماً سياسياً عميقاً وفي غياب آليات لمحاسبة الفاسدين، من دون طلب مساعدة مالية من الصندوق.
وتُعد الأزمة الاقتصادية الحالية الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975-1990). وتفاقمت مع فرض الحكومة تدابير العزل لمحاولة احتواء تفشي فيروس كورونا المستجد الذي سجل 721 إصابة بينها 24 وفاة.
وبدأت في أكتوبر/تشرين الأول انتفاضة شعبية واسعة ضد الطبقة السياسية على خلفية شح في السيولة ونفاد الدولار وأزمة معيشية خانقة. وأدت إلى استقالة الحكومة السابقة، لكنها هدأت بعض الشيء خلال فترة الإغلاق. وبسبب تفاقم شلل الحركة الاقتصادية، ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية بشكل جنوني، وخسر اللبنانيون قدرتهم الشرائية مع تدهور قيمة الليرة.
صدامات واسعة
وتجددت المواجهات ليل الأربعاء بين متظاهرين في مدينة طرابلس ومحيطها والجيش الذي استخدم عناصره الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي في مواجهة محتجين رشقوه بالحجارة وقنابل المولوتوف اليدوية.
وأسفرت المواجهات، وفق الوكالة الوطنية للإعلام، عن إصابة 42 شخصاً بجروح بينهم 19 عسكرياً. وكان قتل شاب وجرح العشرات في اليومين السابقين.
في مدينة صيدا (جنوبا) كما في طرابلس وبيروت وبلدات أخرى، يصبّ المتظاهرون غضبهم على المصارف نتيجة الإجراءات المشددة التي تفرضها على سحب الودائع. وعمد بعض المحتجين إلى تكسير واجهات مصارف عدة أو إلقاء قنابل مولوتوف عليها.
وبحسب تقديرات رسمية، يرزح 45% من اللبنانيين حالياً تحت خط الفقر. وخسر عشرات الآلاف مورد رزقهم أو جزءاً من رواتبهم خلال الأشهر الستة الماضية، كما خسرت الليرة أكثر من نصف قيمتها وتخطت الأربعة آلاف مقابل الدولار في السوق السوداء.
العربية.نت